أخبار عالميّة بعد أن حكم عليه اردوغان بالسجن المؤبد: الكاتب التركى «أحمد ألتان» يكتب رسالة «لن أرى العالم مرة أخرى» من وراء القضبان
الكاتب التركى «أحمد ألتان» يكتب رسالة «لن أرى العالم مرة أخرى» من وراء القضبان
"قد يكون لديهم القدرة على سجنى لكن لا أحد يملك القدرة على إبقائي في السجن، لأنه أينما كنتم تسجنوننى سأسافر حول العالم بأجنحة عقل بلا نهاية... مثل كل الكُتاب، لدي سحر يمكنني من المرور عبر الجدران بسهولة... كلمات خطها الروائي والصحفى التركى أحمد ألتان، المحتجز خلف قضبان استبداد نظام رجب طيب أردوغان بسبب معارضته النظام.
سحر «ألتان» مر عبر الجدران بسهولة عندما استخدم كلماته سلاحا فى مواجهة سجانيه، وجاءت مذكراته التى كتبها بعنوان «لن أرى العالم مرة أخرى» بمنزلة رواية غنائية عن حبسه وآماله وتأكيد قوة الكلمة في وجه الاستبداد فتهافتت عليها دور النشر حول العالم لترجمتها إلى لغات عدة رغم عدم تمكنه من نشرها بالتركية، وحصلت أخيرا دار «اجرانتا بوكس» على حق ترجمة ونشر المذكرات فى المملكة المتحدة حيث من المتوقع أن يصدر الكتاب فى مارس2019، وقد سبق «اجرانتا بوكس» العديد من دور النشر الأخرى فى ألمانيا، والنرويج، وإيطاليا، وهولندا، وإسبانيا.
مابين المعارضة والدفاع عن حقوق الإنسان والاحتجاز ثمنا لذلك بدت حياة «ألتان» كنسخة مصغرة من رواياته التى اعتبرها تتنبأ بمصيره، حيث كتب صاحب «الأثر» من قبل عن سجن المعارضين فكانت بمنزلة نبوءة مبكرة على مصير سيتقاسمه الكاتب مع بطل روايته، كما أوضح فى مذكراته قائلا : «أتذكر فجأة مقطعًا من روايتي اجرح السيف»، التى تم كتابتها عن الأيام الأخيرة للإمبراطورية العثمانية. يتم القبض على أحد شخصياتي وهو في غرفة ينتظر الحكم. أتذكر تلك الجمل وأرتجف، أنا أعيش ما كتبت في الرواية، قابلت مصيري وفشلت في إدراك ذلك، أنا الآن معتقل مثل بطلي.. حياتي تقليد روايتي..ما الذي كتبته سيتحقق؟ أشعر بأنني أسير في دوامة حيث تتشابك خيالي وحياتي، حيث إن ما هو حقيقي وما هو مكتوب يقلد بعضها البعض، ما نوع المصير الذي اخترته لبطل بلادي؟ ما كان مصيره؟
فجأة، أسمع أحذية الدرك يقول أحد الأصوات:بهى«لقد اتخذ القرار» في وقت واحد، أتذكر: لقد أدين بطل روايتي - وهذا هو المصير الذي اخترته له- وأنا أعلم أنني، أيضا، سوف أدان، لأن هذا هو ما كتبته...قاضي القضاة يقرأ القرار: «الحياة بدون إفراج مشروط».
سنقضي بقية حياتنا بمفردنا في زنزانة طولها ثلاثة أمتار وعرضها ثلاثة أمتار. سنخرج لرؤية أشعة الشمس لمدة ساعة واحدة في اليوم وسنموت في زنزانة السجن. هذا هو القرار، لن أرى العالم مرة أخرى، لن أرى أبداً سماء غير محاطة بجدران فناء..أنا ذاهب إلى الهاوية، أمشي في الظلام مثل إله كتب مصيره بنفسه، بطل الرواية وأنا نختفي معا في الظلام".
ولد أحمد ألتان بأنقرة عام 1950 لعائلة ذات ثقل اجتماعي، فوالده الصحفي الكبير شيتين ألتان، تخرج ألتان فى كلية الثقافة والآداب جامعة أسطنبول عام 1981، وفِي عام 1982 كتب أولى رواياته «الخريف»، ثم ما لبث أن انخرط في العمل الصحفي لأكثر من عشرين عاما، وعمل رئيسا لتحرير صحفية اترافب التركية منذ 2007 وقدم استقالته منها في 2012، وكان له أعمدة صحفية ثابتة في أشهر الصحف التركية، انتقد وعارض خلالها السياسات التركية،واتهم بتشويه سمعة الأتراك بسبب مقالة له عن الإبادة الجماعية للأرمن.
ولألتان العديد من الكتب والروايات الأدبية الشهيرة منها: «الخريف»،«الأثر»، «تاريخ الوحدة»، «حكايات خطيرة»، «جرح السيف»، «تمرد يوم الحب»، وآخر رواياته كانت «الموت أسهل ما في الحب»، حاز على العديد من الجوائز الأدبية كان آخرها جائزة جمعية أسطنبول لحقوق الإنسان عام 2017.
أحمد ألتان الملقب بعميد الصحافة التركية المعاصرة يقضى عقوبة بالسجن المشدد مدى الحياة بسبب اتهامات له ولشقيقه الأستاذ الجامعى محمد ألتان وللإعلامية نازلى إليجاك بالتورط في محاولة الانقلاب التى تمت في تركيا في يوليو 2016 ، وذلك ضمن موجة من الاعتقالات للعديد من المفكرين والكٌتاب المعارضين في أعقاب الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركى أردوغان، ووقع واحد وخمسون من الحائزين على جائزة نوبل عريضة لإطلاق سراحهم، داعين لإلغاء حالة الطوارئ والسماح بحرية الرأي والتعبير.
المصدر: الاهرام